حكومة اقليم كوردستان - العراق
وزارة العدل
رئاسة الأدعاء العام
دائرة الأدعاء العام في اربيل
تشغيل المحكومين
بحث مقدم كجزء من متطلبات الترقية من الصنف الرابع الى الصنف الثالث
اعداد : عضو الأدعاء العام (عبدالله سلام بكر )
اشراف : المدعي العام ( سهام عبدالقادر نبي)
سنة 2012
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(كلُ بَني ادمَ خَطاء وخيرُ الخطائِين التَوابين )
رواه الترمذي
مقدمة
كان الغرض من العقوبات التي تفرض على المجرمين في السابق هو الانتقام من الجاني من خلال تقييد حريته بقصد ايلامه والاقتصاص منه عن الفعل الذي ارتكبه عندما كان ذلك الفعل يعد جريمة .
وكانت السجون تُعد على انه المكان المخصص لاحتجاز المتهم انتظارا لمحاكمته او انتظارا لتنفيذ العقوبات البدنية فيها بعد صدور الحكم بها ([1]).
ان النظرة السائدة للسجن كانت على انها المكان المعد لعزل المجرم عن المجتمع باعتباره شخص غير مرغوب فيه ولم يكن يعار اي اهتمام بآدمية المسجون، وان ابنية السجون كانت توحي بالرهبة والكآبة و تفتقر الى ابسط وسائل الراحة([2]).
وكانت العقوبات الجسدية هي السائدة دون رحمة او شفقة حتى يكون لها اثر رادع في نفوس عامة الشعب وكثيرا ماكان تجرى مباريات مبارزة بين المجرمين في روما ويدعى اليها الضيوف والاباطرة لمشاهدتها والاستمتاع بمشاهدة المبارزات والتي كانت تستمر حتى تنتهي بموت احد المتبارزين هذا بالاضافة الى حفلات التعذيب العلنيه التي يدعى اليها الجمهور لمشاهدة مصير المجرمين([3]).
و كثيرا ماكان يفرض على المسجون القيام بالاعمال الشاقة ، وان كل دولة كانت تفرض العمل حسب ظروفها وحاجتها حيث كان البعض من المسجونين يرسلون للعمل في المستعمرات و المعسكرات اوفي المناجم او في عملية تجذيف السفن الكبيرة.
الا ان تطور العلوم النفسية والاجتماعية التي تناولت موضوع الجريمة وتطور مفاهيم حقوق الانسان ادت الى مراجعة مفاهيم العقوبة والابتعاد عن دافع الانتقام والايلام وارتفعت الاصوات المنادية بضرورة ان يكون الهدف من العقوبة التاهيل والاصلاح والعودة به للاندماج في المجتمع بالدرجة الاولى ومن ثم الردع ، وعليه اصبح تشغيل السجناء في الكثير من الدول من الاساليب المؤثرة في التاهيل اضافة الى التعليم والتهذيب والرعاية الصحية داخل المؤسسة العقابية.
ان سبب اختياري هذا الموضوع هو لكون الجريمة ظاهرة اجتماعية ولها اثارها السلبية على المجتمع لذلك على الدولة العمل على مكافحتها واتخاذ التدابير اللازمة للحد من اسباب ارتكابها وان اصلاح وتاهيل الجناة ومساعدتهم للاندماج بالمجتمع وعدم عودتهم الى ارتكاب الجريمة من واجب الدولة والمجتمع ولكون جهاز الادعاء العام ممثلا للمجتمع والاسهام في رصد ظاهرة الاجرام وتقديم المقترحات لمعالجتها وتقليصها من الاهداف المنصوص عليها في قانون الادعاء العام العراقي رقم (159) لسنة 1979.( [4])
ان اهمية البحث كما اتصور هو كيفية الاستفادة من الدراسات التي تتناول كيفية المعاملة مع المحكومين وتطبيقها في اقليم كوردستان والاستفادة من طاقات المحكومين لما له من تاثير ايجابي على الوضع الاقتصادى للسجناء وعوائلهم اضافة الى عملية الاصلاح والتاهيل.
من اهم الصعوبات التي واجهتني هي قلة المصادر التى تتناول هذا الموضوع وحتى ان المصادر المتوفرة تناولته بصورة مختصرة اضافةً الى عدم الاخذ به في العراق واقليم كوردستان من الناحية العملية مما يحتم علينا البحث والتحري عن الموضوع .
الاشكالية التى نبغي التطرق اليها في هذا البحث هو هل ان تشغيل السجناء يعتبر التزاما يفرض على المحكوم عليه باعتباره مذنبا يقضي فترة العقوبة ومن حق الدولة ان تفرض عليه العمل.
ام انه حق للمحكوم عليه باعتباره انسانا ويجب على الدولة توفير العمل له وما هي الاثار المترتبة على اعتباره التزاما او اعتباره حقا للمحكوم عليه .
وقد تناولت البحث وفق الخطة التالية .
قمت بتقسيم البحث الى مبحثين وقسمت المبحث الأول الى مطلبين تناولت في المطلب الاول مفهوم تشغيل المحكومين والتطور التاريخي لها اما المطلب الثاني قسمناه الى فرعين تناولنت في الفرع الأول اهداف التشغيل وفي الفرع الثاني تناولت شروط التشغيل وقسمنا المبحث الثاني الى ثلاثة مطالب حيث تناولت في المطلب الاول طرق تنظيم تشغيل المحكومين وفي المطلب الثاني تطرقت الى التكييف القانوني لتشغيل المحكومين اما في المطلب الثالث تناولت موقف المشرعين العراقي والكوردستاني.
المبحث الاول
مفهوم التشغيل وتطوره التاريخى وشروط واهداف التشغيل.
المطلب الاول
مفهوم التشغيل وتطوره التاريخي.
اولاً: مفهوم التشغيل
لايختلف اثنان على ان مصطلح الشغل ومصطلح العمل هما وجهان لعملة واحدة .
الشُغل : جَمعهُ اشغال وهو نقيض الخلاء اي (ضد الفراغ) اشغلهُ اي جعله مشغولاً.([5] )
العمل لغةً :عمل على وزن فعل اعملهُ غيره بمعنى استعملهُ اي طلب اليه العمل ، والعُماله بالضم بمعنى رزق.([6] )
العمل اصطلاحاً : هو المجهود الارادي الواعي الذي يستهدف انتاج السلع والخدمات لاشباع حاجاته .( [7])
ويتضح من هذا التعريف بان مجهود الانسان بلا هدف لايعتبر عملاً .
ويقول العالم اكسفورد مارشال .
بان العمل هو كل مجهود عضلي او ذهني او عاطفي بهدف انتاج الخدمات والسلع للأاستهلاك الفردي او لاْستهلاك الاخرين.([8] )
المفهوم الشرعي للعمل :هو كل جهد مشروع يبذله الانسان ويعود عليه بالخير والفائدة سواء كان هذا الجهد جسمياً كالحرف اليدوية ام فكرياً كالتعليم او الولاية .([9] )
نلاحظ بان هذا المفهوم وضع عدة شروط للعمل، منها ان يكون مشروعاً ويعود عليه او على الاخرين بالخير والفائدة .
واستناداً الى التعاريف اعلاه يمكننا القول بان العمل هو الجهد العضلي او الفكري الذي يقدمه الانسان بهدف انتاج السلع او تقديم الخدمات بما ينسجم مع القوانين المرعية ويتلقى عنه اجراً.
اما فيما يخص تشغيل السجناء والذي يسمى احيانا (العمل العقايي) والذي هو محور بحثنا فاننا نرى بان التشغيل يعني استخدام السجناء في عمل ما والذي تقوم المؤسسات الاصلاحية او العقابية بتوفيرها للسجناء لانهم اناس مقيدي الحرية لايتمكنون من البحث عن العمل بانفسهم .
ويتضح مما تقدم بان مصطلح تشغيل المحكومين يحمل في طياته معنيين هو التشغيل الاجباري للسجناء والثاني هو التشغيل الطوعي لهم .
التشغيل الاجباري هو العمل القسري الذي تفرضة ادارة السجن على المحكومين كوسيلة تعذيب او لارهاقهم بدنياً او لتحقيق الربح المادي كما كان في السابق، اما التشغيل الطوعي فهو العمل الذي توفره ادارة المؤسسات الاصلاحية او العقابية ويكون مقابل اجر وبما ينسجم مع طاقات وقدرات المحكومين ولا تهدف من وراءه الربح المادي بقدر ماتهدف الى التاهيل والتدريب على العمل اوحرفة ما بغية مساعدة السجين على العيش الكريم بعد انقضاء فترة محكوميته.([10] )
هناك نوع اخر من العمل الذى يؤديه المحكومين ويسمى بالعمل للمصلحة العامة وهو نوع جديد من العمل الذى يؤديه المحكومين الاانه يختلف عن تشغيل المحكومين من حيث ان العمل للمصلحة العامة يكون بديلا عن عقوبة سلب الحرية ويدرج في قرار الحكم ويكون بموافقة المتهم قبل صدور الحكم عليه ويؤدى دائماً خارج اسوار المؤسسات العقابية حيث يكلف المحكوم بأداء خدمة للمنفعة العامة ولايتلقى عنه اجراً وتحدد فترة العمل ونوعه في قرار الحكم.( [11])
ومن الامثلة على العقوبات البديلة (العمل للمصلحة العامة ) العمل في خدمة كبار السن في دار العجزة ، العمل في تنظيف المستشفيات وكنس الشوارع او العمل في الحدائق العامة او اى عمل اخر حسب مؤهلات المحكوم في اية مؤسسة عامة.
ثانياً : التطور التاريخي لتشغيل المحكومين
ان مفاهيم الدين الأسلامى كان له دور كبير في تطور في تحديد هدف العقوبة وضرورة التركيز على شخصية الأنسان وحفظ كرامته وذلك استناداً الى قوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم ) ([12] ) . مما يعني ان الله تعالى قد منح الأنسان الكرامة وعليه لايجوز ان تهان كرامته اواستخدامه في السخرة بالرغم من كونه قد ارتكب جرماً وعليه يجب احترام آدمية الأنسان وكرامته .
ان فكرة ايجاد عمل للسجين داخل السجن ارتبطت بنشأة السجون وبالذات عندما تحولت السجون من مجرد مستودعات لحجز المتهمين لحين محاكمتهم واعدامهم الى مؤسسات عقابية لتنفيذ عقوبة الحبس كعقوبة اصلية ، الا ان هذة الفكرة كانت تتعارض مع الفكر الاصلاحي التقليدي الذي يؤمن بمبدأ العزلة التامة والصمت للسجين كمدخل اساسي للتوبة والاصلاح ،كما هو الحال في نظامي (بنسلفانيا و اوبرن) في الولايات المتحدة الامريكية، ومن ثم ظهراستخدام السجناء في العمل كعقاب تكميلي ولتحقيق المزيد من الانتقام والارهاق البدني والنفسي من المحكوم فقد كان السجناء يُرغمون على القيام بالاعمال الشاقة دون تحقيق اي هدف اقتصادي او تحقيق اية مصلحة حيث كان السجناء يكلفون بنقل الاحجار من مكان الى اخر ومن ثم اعادتها الى مكانها مرة اخرى او تكسير الاحجار الكبيرة .( [13])
ان سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية و سيادة نظام الاقطاع في اوربا جعلت سلطة الكنيسة تمتد الى المؤسسات العقابية حيث لم يكن لبعض الدول الاوربية سجون في حين ان الكنيسة كانت لها سجونها الخاصة وكانت النظرة الى العقوبة نظرة خليطة بين النظرة الاقطاعية ونظرة الكنيسة لها ، حيث كان يُنظر الى العمل الذي يفرض على السجين على انه وسيلة عقابية تحقق اهداف وغايات الكنيسة متمثلة في( التوبة والغفران ) وتحقق اهداف وغايات الاقطاع في الكسب المادي من وراء استغلال السجناء في الاعمال الشاقة مثل العمل في المناجم ومكافحة الحشرات في الحقول الزراعية والعمل على البواخر .( [14])
كان لطائفة الكويكرز دور كبير في اصلاح المؤسسات العقابية وخاصةً ادخال نظام العمل في سجون الولايات المتحدة الامريكية وذلك نتيجةً لمطالباتها المستمرة بأن لاتكون السجون الامريكية مكاناً للعزل فقط بل يجب ان تكون مكاناً للعمل والعزل معاً([15]).
وفي مصر لاقى تشغيل السجناء اهتماماً واضحاً من قبل المشرع المصري حيث الزم القانون المحكومين بالأشغال الشاقة بالشغل وذلك في المادة (35 ) من قانون العقوبات المصري القديم الصادر في سنة 1883 ، وبعد عشر سنوات تم البدأ بتشغيل المحكومين بالسجن او الحبس في اشغال كانت تجرى غالباً خارج اسوار السجن.( [16])
في عام 1901 قامت السلطات المصرية بتصنيف نوع العمل على اساس نوع العقوبة وذلك بموجب القرار رقم 24 لسنة 1901 والذي حدد بموجبه انواع الاشغال التي يشتغل بها المحكوم عليهم بالأ شغال الشاقة او الأ شغال الخاصة بالمحكوم عليهم بالسجن او الحبس مع الشغل ، فالمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة يعملون في استخراج الاحجار او نقل الاحجار ،العمل في المحاجر ، رفع المياه بواسطة الطلمية او ادارة العجلات ، اما المحكوم عليهم بالسجن او الحبس مع الشغل فيجوز تشغيلهم في عمليات الحفر والردم وعصر الحبوب لأستخراج الزيوت او الاعمال الفنية والصناعية والاعمال اليدوية او اشغال الحدائق العامة.( [17])
وفي القرن العشرين شهدت اساليب المعاملة العقابية تطوراً لافتاً وذلك من خلال اللجنة الدولية للعلوم الجزائية والعقابية (هي لجنة أُنشئت عام 1876 واخذت على عاتقها نشر الافكار الاصلاحية وتطوير القوانين الجزائية مركزةً على شخصية الانسان وكيفية اصلاحه وتأهيله اجتماعياً ) ( [18]) حيث قامت بصياغة جملة من القواعد الخاصة بمعاملة المذنبين وقدمتها الى عصبة الأمم والتي صادقت عليها عام 1934 والتي اعتبرت من اولى الاعلانات الدولية الخاصة بكيفية معاملة المذنبين وبعد الغاء عصبة الامم قامت الأمم المتحدة بتكملة المسيرة عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والتي قامت بتهيئة القواعد الاساسية لأصلاح المجرمين والتي قدمت الى المؤتمر الاول للأمم المتحدة للوقاية من الجريمة ومعاملة المذنبين في مؤتمر جنيف عام 1955 والتي انبثقت عنها مايعرف اليوم بقواعد الحد الادنى لمعاملة المذنبين ( [19])
ان قواعد الحد الادنى لمعاملة المذنبين والتى تعرف بالقواعد النموذجية لمعاملة السجناء والتي اوصى بها مؤتمر الامم المتحدة عام 1955 واقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه رقم 662/ج(د/24 )في 31/ايار 1957 ورقم 2076 (د/ 62) في 13 ايار 1977 والتي تناولت خمس وتسعون قاعدة تناولت كيفية ادارة المؤسسات العقابية والنظام الواجب تطبيقها على كل فئة من فئات المسجونين ، وفصلهم عن البعض على اساس السن والجنس ونوع الجريمة وتناولت ايضاً هذه القواعد الشروط الصحية الواجب توافرها في المؤسسات العقابية والرياضة والخدمات الصحية وحقوق السجين في الاتصال الخارجي وكيفية تشغيل المحكومين.([20] )
وعليه تطورت النظرة الى المؤسسات العقابية وقامت العديد من الدول بتغير تسيميتها الى المؤسسات الاصلاحية لما لها دور في اعادة تأهيل النزلاء واعادتهم الى المجتمع افراداً عاديين يشعرون بالمسؤلية.
اما في العراق فأن المشرع العراقي اخذ بفكرة تشغيل المحكومين وتطورت هذه الفكرة بمرور الزمن حيث نص قانون العقوبات البغدادي الصادر سنة 1918 على عقوبة الأشغال الشاقة حيث يتم تشغيل المحكوم عليه في الأشغال التي تحددها الحكومة ( [21]).
ومن ثم تم اخراج تشغيل المحكومين من نطاق قانون العقوبات بعد صدور قانون العقوبات الحالي سنة 1969 ودرجها في قانون مصلحة السجون رقم 151لسنة 1969 ومن ثم قانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي رقم 104 لسنة 1981 بشكل ينسجم مع مبادىْ حقوق الأنسان والأفكار الداعية الى استخدام العمل في عملي الأصلاح والتأهيل.
المطلب الثانى
اهداف التشغيل وشروطه
تقتضى دراسة العمل العقابى او عملية تشغيل المحكومين ان نحدد اهداف واغراض العمل الذي تقوم المؤسسات الاصلاحية بتوفيرها وماترمي اليه وما هي الشروط الواجب مراعاتها في عملية التشغيل .
ان قواعد الاصلاح الامريكية قامت بحصر الاهداف العامة للعمل في السجون الامريكية في النقاط التالية .
1- توفير العمل الجيد والمفيد لكل سجين .
2- توفير التأهيل المهني المناسب والخبرة العملية للسجين .
3- زرع الضبط النفسي وغرس عادات عمل جيدة.
4- اعداد السجين لاطلاق سراحه الى المجتمع مزوداً باحترام الذات والرغبة الصادقة في كسب عيشه بطريق مشروع كمواطن صالح يحترم النظام والقانون.([22])
وعليه سوف نقسم هذا المطلب الى فرعين نتناول في الفرع الأول اهداف التشغيل ومن ثم نتناول شروط التشغيل في الفرع الثاني .
الفرع الأول
اولاً : اهداف التشغيل
اختلفت اهداف التشغيل بأختلاف المراحل التأريخية التى مرت بها عملية تشغيل المحكومين وهى اهداف عقابية واقتصادية واصلاحية وتأهيلية وحفظ النظام.
1- الهدف العقابى او التعذيبى.
اظهر لنا تاريخ السجون ان عملية تشغيل المحكومين كان عقاباً تكميلياً لتحقيق المزيد من الايلام والانتقام من المحكوم وكانت ادارات السجون او القائمين عليها يرغمون السجناء على القيام بالأعمال الشاقة دون تحقيق اية جدوى اقتصادية او هدف يخدم مصلحة السجن اوالسجين ([23])
في العراق كان التشغيل يعد عقوبة بذاتها حيث ورد في قانون العقوبات البغدادي الأشغال الشاقة والأشغال الشاقة المؤبدة كعقوبة اصلية واعطى القانون للمحكمة سلطة تبديل عقوبة الأعدام الى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة ( [24]).
ان تأثير هذه الفكرة لاتزال بعض آثارها موجودة حيث ان العمل يعد جزءاً من العقوبة حيث ان قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 عرف عقوبة السجن في المادة (87) وجاء في الشق الأخير منه ( ويكلف المحكوم عليه بالسجن المؤبد او المؤقت بأداء الأعمال المقررة في قانون المنشآت العقابية ) وكذالك الحال لدى تعريفه لعقوبة الحبس الشديد في المادة (88) منه.
وجاء ايضاً في المادة (14) من قانون العقوبات المصرى وكذلك المادة (45) من قانون العقوبات السوري ان العمل يعد جزءاً من العقوبة الا انه في مصر صدر القانون رقم 95 لسنة 2003 لأبعاد الجانب العقابي والتعذيبى للعمل انسجاماً مع قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء .([25] )
ونستطيع القول بأن استخدام العمل كعقوبة بات مستبعداً في الوقت الحاضر بسبب تغير النظرة الى العقوبة من الانتقام الى الأصلاح وتطور مباديء حقوق الانسان وصدور القواعد الخاصة بمعاملة السجناء من قبل منظمة الأمم المتحدة.
2- الهدف الأقتصادي
كما اوضحنا في السابق بأنه في المراحل التأريخية الأولى اضافةً الى استخدام تشغيل المحكومين لغرض العقاب والأنتقام كان يهدف ايضاً الى تحقيق الربح المادي .
اتجهت الأفكارالعقابية التقليدية الى اعطاء هذا الغرض اهمية كبيرة فظهرت نظرية ( الأعتماد الذاتي) للمؤسسات العقابية اي يجب ان يهدف تشغيل المحكومين الى تغطية نفقات المؤسسة العقابية بواسطة ايراداتها ، بل بالغ البعض في ذلك فقالوا يجب ان يحقق العمل ارباحاً ايضاً. ( [26])
ان ثمرة تشغيل المحكومين هي في الغالب منتجات تحصل المؤسسات العقابية على قيمتها وان هذه المنتجات تمثل زيادة في الانتاج القومي بالأضافة الى ان ثمنها يساعد الدولة على تحمل جزء من نفقات السجون ويضاف الى ذلك انه ضمانة لتحصيل الغرامات والمصاريف القضائية التى للدولة على المحكومين عن طريق اقتطاع جزء من الأجر الذى يحصل عليه المحكوم عليه .([27] )
ان تشغيل السجناء في اعمال التنظيف والصيانة والتموين يساهم في التقليل من التكاليف التي على المؤسسات العقابية ان تنفقها على هذه الخدمات في حال عدم القيام بها من قبل النزلاء.
(وفي كثير من الدول اصبح العمل في المؤسسات العقابية جزءاً من اقتصاديات هذه المؤسسات وتعول عليها في ضبط موازنتها وتوفير الدخل الذي يمكنها من مواجهة النفقات الكبيرة التي تتعرض لها والناتجة عن توفير الامور المعيشية داخلها مع ماتتضمنه من الخدمات والنشاطات التأهيلية ، كما تعتمد هذه المؤسسات على دخلها لتحسين وتوسيع مصانعها وتجهيزها بالألات الحديثة التي تؤمن لها وفرة ونوعية الأنتاج ، ومن المؤسسات العقابية اليوم ماتؤمن حاجات الادارات العامة والسجون والأصلاحيات فتزودها بالمواد الضرورية لعملها وكذلك بالمواد الغذائية والألبسة والأدوات المكتبية والتجهيزية فتحقق مساهمتها وفراً هاماً للدولة في النفقات) .([28] )
اما فيما يخص اهمية العمل الذى يمارسه المحكوم عليه من الناحية الشخصية فأنه يستطيع استخدام جزء من ايراداته من المقابل الذى يحصل عليه لقاء العمل في اعالة عائلته اذا كان هو المعيل الوحيد للعائلة او ان يتمكن من تغطية مصاريفه اليومية في الأمور التي لاتوفرها ادارات المؤسسات العقابية .
وكذلك يقوم بأدخار جزء من الأجور التي يحصل عليها جراء العمل لكي يستفيد منها عند خروجه وانتهاء مدة محكوميته في المباشرة بالحرفة التي تعلمها في السجن وتهيئة المستلزمات الضرورية من الادوات والمكان المناسب للعمل.( [29])
3- الهدف الأصلاحي والتأهيلي .
ظهر استخدام تشغيل المحكومين كوسيلة تأهيل وأصلاح عندما اصبح الهدف من العقوبة هو الاصلاح بدلاً من الأنتقام وكذلك ظهور الأنتقادات لعملية تحقيق الربح ونظرية الأكتفاء الذاتي للمؤسسة العقابية من خلال تشغيل المحكومين.
في العملية الأصلاحية لايجوزان يغطي الغرض الأقتصادي على حقيقة وضع السجون في الدولة الحديثة وانها ليست مرفق انتاجي واقتصادي تلتزم بتحقيق الربح وانما هي مرفق خدمة حكومي يهدف الى تأهيل المحكوم عليه وأصلاحه وما العمل في هذه المؤسسات الا وسيلة لتحقيق هذا الغرض ومن ثم لايجوز الربط بين العمل العقابى وتحقيق الربح.([30] )
وعليه بموجب السياسات العقابية الجديدة فأن كل النشاطات التي يقوم بها المحكوم عليه يجب ان تدورحول كيفية تأهيله ليعود عنصراً سوياً ، ومن هنا كانت النظرة التربوية والتأهيلية للعمل في المؤسسات العقابية على انه ينمي الشخصية الأنسانية بأبراز قدراتها والتي لم يستطيع المحكوم عليه ان يوظفها لغاية انتاجية اما لأنه لم يكتشفها او لأن الفرصة اوالظروف لم تسنح له بذلك.([31] )
ويتضح دورالعمل في التهذيب بالنسبة للمحكومين الذين يرجع سبب اجرامهم للبطالة والكسل فبأيجاد العمل لهم وانشغالهم به واعتيادهم عليه يتم استأصال السبب الذي ادى بهم الى الأجرام.
وللعمل دور تأهيلي وتربوي بالنسبة لجميع المحكومين حيث عندما يرى المحكوم عليه نتاج عمله يشعر ان بأمكانه انتاج شيء مفيد له وللغير وبالتالي فأنه يقدر ذاته ويعزز ثقته بنفسه و بقدراته فيترسخ لديه الأيمان بأن الأجرام سلوك غير لائق به هذا من جهة ومن جهة اخرى فأن العمل المنظم وفقاً للقواعد التي تضعها ادارة المؤسسة العقابية والتي تنسجم مع المعايير الدولية و يراعى فيها الوضع النفسي والجسمانى يولد لدى المحكوم عليه حب العمل ومن ثم الأعتياد عليه وبالتالي الأعتياد على الحياة المنظمة ومن ثم استخدام ما يتقاضاه من مقابل العمل في اشباع حاجاته يشكل له درساً يكشف له عن قيمة العمل وبالتالي فأنه يتجه الى العمل بعد انتهاء مدة محكوميته طلبا للرزق ومن هنا يمكن ان يطلق على عملية تشغيل المحكومين على انه (تدريب على العيش الشريف ).( [32])
(بصورة عامة ان العمل له أثر كبير على حياة الانسان وان استمرارية العمل يوفر الأستقرار ويفرض عليه الأنضباط والمتابعة والجهد المتواصل وتقسيم الوقت وضبطه بصورة مفيدة ومن ثم الأتجاه الى تقييم الأنتاج وتحسينه ، كما ان العمل يفرض على الأنسان التحلي بالمرونة في التعامل مع الآخرين والصبر وتقبل الأنتقادات على كيفية العمل ونوعيته ولذلك فأن العمل ذو بعد تربوي يرمي الى صقل الشخصية الأنسانية وتنميتها واعطائها مكانتها الأجتماعية ).([33] )
ونتيجةً لماتقدم فأننا نرى بأن عملية تشغيل المحكومين يمكن ان تؤدي الى تحقيق تأهيل وأصلاح للسجناء بنسبة كبيرة تمهيداً لعودته كفرد صالح في المجتمع بواسطة مايلي:
v التدريب على تعلم واتقان حرفة يستطيع ممارستها بعد انتهاء مدة محكوميته طلباً للرزق.
v استخدام المدخرات التي تراكمت لديه من الأجور التي كان يحصل عليها مقابل العمل الذي كان يؤديه في المؤسسة الأصلاحية في تهيئة المحل والمستلزمات اللازمة للمباشرة بحرفته .
v اننا نرى بأن الفقرتين اعلاه تغنيان الشخص الخارج من المؤسسة العقابية من مشاكل البحث عن العمل والحيلولة دون التفكير بوسائل غير مشروعة للعيش.
v ان الضوابط وتحديد ساعات العمل و الأنتظام الذي اعتاد عليه في المؤسسة العقابية تساعده على الاستمرار في العمل خارج المؤسسة والأنشغال وعدم توفر اوقات الفراغ لديه يؤدي به الى الأبتعاد عن الأسباب المؤدية الى الأجرام.
v ان لجوء المحكوم عليه الى العمل بعد الأفراج عنه وممارسة مهنتة بأمانة واتقان يساعده على سرعة الأندماج مع المجتمع ،لأن العمل بجدية وامانة يكسب صاحبه الأحترام وحب الناس المحيطين به مما يعزز ثقته بنفسه وبالآخرين ومن ثم عدم التفكير بالعودة الى الأجرام مرةً اخرى.
4- الهدف الأداري (حفظ النظام ).
ان الأدارة الناجحة للمؤسسات العقابية او الأصلاحية هي المؤسسة التي يسير فيها الحياة اليومية بسلاسة و وفق القانون والأنظمة الخاصة بها وعدم تفشي الفوضى والمشاكل بين النزلاء انفسهم او بين الأدارة والنزلاء.
ان العمل داخل المؤسسات الأصلاحية له تأثير فعال في حفظ الأمن والأستقرار حيث انه من خلال توفير العمل للمحكوم عليه يتم اشغال وقته داخل المؤسسة بممارسة العمل مما يجعله سهل الأنقياد ومستعداًَ للتعاون مع القائمين على ادارة المؤسسة ولوحظ بأن المحكوم عليه العاطل ينصرف تفكيره الى المظالم الوهمية التي يعتقد بأنه ضحيتها فيمتليء نفسه بالحقد على نظام المؤسسة العقابية وعلى العاملين فيها هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فأنه لدى المحكوم عليه العاطل طاقات معطلة فأذا لم يتم استغلالها بالعمل فهو يتجه الى استغلالها في الأخلال بالأمن والنظام داخل المؤسسة العقابية .( [34])
ان العمل الطوعي للنزلاء من شأنه ان يساعد في عملية استتباب الأمن والهدوء داخل المؤسسات العقابية حيث انها وسيلة لابعاد النزلاء عن الصراعات الشخصية فيما بينهم مما يقلل من حالات الأحتكاك المتواصل و التوتر والمناوشات التى تحدث عادةً بين النزلاء بسبب انشغالهم بالعمل في ساعات النهار ولجوئهم للراحة ليلاً.
ومن شأن العمل ايضاً ان يحسن العلاقة بين الجهاز الأداري القائم على امور المؤسسة الأصلاحية والنزلاء على اعتبار ان العمل الطوعي يحمل في طياته نوعاً من تحقيق الأنضباط والأعتدال النفسي وبالتالي يمهد الى قبول الضبط المؤسساتي بشكل عام ويمهد ايضاً الى الضبط الأجتماعي ككل من طرف السجين ويؤدي به الى تغير نظرته للمؤسسة والعاملين عليها من سجن وسجانين الى مؤسسة خدمية .( [35])
الفرع الثاني
ثانياً : شروط تشغيل المحكومين .
ان عملية تشغيل الحكومين لاتسير على نسق واحد في كل الدول وانما تختلف من دولة الى اخرى وذلك تبعاً لأختلاف خصوصياتها وظروفها وبالتالي يمكننا القول بأنه في كل دولة هناك شروط وضوابط خاصة وشروط وضوابط عامة.
الضوابط والشروط الخاصة لتشغيل المحكومين هي التي تضعها كل دولة لنفسها تبعاً لخصوصيتها الأجتماعية والأقتصادية والثقافية والأمنية اما الضوابط والشروط العامة هي تلك الشروط التي من المفروض على كل دولة الألتزام بها لأنها مرتبطة بالقواعد والأسس التي وافقت عليها واقرتها جميع الدول من خلال منظمة الأمم المتحدة او المؤسسات المرتبطة بها وهي مستوحاة من المباديء العامة لحقوق الأنسان .([36] )
واستناداً لما تقدم فأن الشروط والضوابط الخاصة يجب ان لا تتعارض مع الشروط الضوابط العامة.
وعليه سوف نتناول الشروط والضوابط العامة الواجب توافرها في عملية تشغيل المحكومين في كل دول العالم.
1- ان يكون العمل منتجاً.
انتاج العمل عبارة عن الثمرات التي تُنتج، فمن الضروري ان يكون العمل منتجاً لأنه عندما يرى المحكوم عليه ثمرات عمله فأن ذلك يرفع من روحه المعنوية ويزيد احترامه لنفسه وثقته بها مما يدفعه الى التمسك بهذا العمل والحرص عليه اثناء تنفيذ فترة العقوبة او بعد الأفراج ولذلك يلعب العمل دوراً في عملية التأهيل.( [37])
اضافةً الى ذلك فأن انتاج العمل والأستفادة من هذا المنتج يكشف للمحكوم عليه مدى اهمية وجدوى مجهوده مما يؤدي به الى حب العمل ويخلق لديه الأمل في استرداد مكانته الأجتماعية ،اما العمل الغير المنتج او ردائته يولد شعوراً لدى المحكوم عليه بعدم جدوى جهوده فتكون النتيجة هي نفوره من ذلك العمل ولايحرص عليه ولايستفيد منه في التأهيل والأصلاح .( [38])
وقد اكدت القواعد الدولية لمعاملة السجناء على ان يكون العمل منتجاً. ( [39])
حيث نصت على:
- يجب ان يوفر للسجناء عملاً منتجاً يكفي لتشغيلهم طوال ساعات يوم العمل العادي .
- يجب ان يوفر تدريباً مهنياً نافعاً للسجناء القادرين على الأنتفاع به
2- ان يكون العمل متنوعاً.
من الضروري ان لايقتصر تشغيل المحكومين على الأعمال الصناعية فقط بل يجب ان يتوفر في المؤسسة الأصلاحية اضافةً الى الأعمال الصناعية اعمال زراعية و حرف ومهن تمكن النزيل من العمل الذي له مثيل في المجتمع والذي يتناسب مع ميوله وامكانياته .([40] )
وان هذا الشرط يحتم على القائمين على ادارة المؤسسات العقابية ان تقوم بدراسة بيئة المحكوم عليه والمهن والحرف الموجودة فيه وان يكون العمل في المؤسسة حسب هذه البيئة فأذا كانت الأعمال الصناعية هي الغالبة يجب ان يتوجه العمل الى الأعمال الصناعية واذا كانت البيئة ذات طابع زراعي او تكثر فيها المهن اوالحرف اليدوية يجب ان يتوجه العمل في المؤسسات الى تلك الأعمال والمهن .
وقد اكدت القواعد النموذجية لمعاملة السجناء على ضرورة تنوع العمل وتوفر حرية اختياره في المؤسسات العقابية حيث نصت على ان :
- يفرض العمل على جميع السجناء المحكوم عليهم تبعاً للياقتهم البدنية والعقلية كما يحددها الطبيب .
- يكون العمل الى اقصى الحدود المستطاعة من نوع يصون او يزيد قدرة السجين على تأمين عيشه بكسب شريف بعد اطلاق سراحه.
- تتاح للسجناء في حدود مايتمشى مع الأختيار المهني السليم ومتطلبات ادارة السجن والأنضباط فيه وامكانية اختيار العمل الذي يرغبون القيام به.( [41])
ويعلل وجود هذا الشرط بنقطتين.
أ- اتاحه الفرصة للمحكوم عليه لاختيار العمل الذي يتفق مع ميوله وامكانياته حتى يكون مقبلاً عليه ومنتجاً فيه وبالتالي يجوز تغيره اذا ثبت عدم ملائمته للسجين.
ب- حتى يتمكن المحكوم عليه من مباشرة العمل الذي مارسه وتدرب عليه بعد خروجه من السجن حتى يحقق غرضه في التأهيل.([42] )
3- ان يكون العمل في المؤسسة على نسق العمل الحر.
من القواعد الأساسية في تنظيم عملية تشغيل المحكومين هو ان يكون سير العمل في المؤسسة العقابية على نسق العمل الحرالذي يؤدى خارج المؤسسة.
وقد اكدت الفقرة الأولى من المادة (72) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على هذا الشرط حيث نصت على :
- يتم تنفيذ العمل وطرائقه في السجن على نحو يقترب به بقدر الأمكان من الأعمال المماثلة خارج السجن بغية اعداد السجناء لظروف الحياة العملية الطبيعية.
ويكون هذا التشابه او النسق من حيث نوع العمل ومن حيث وسيله ادائه ومن حيث تحديد وقت العمل .
أ- من حيث نوع العمل.
يجب ان يكون العمل الذي توفره ادارة المؤسسة العقابية من النوع الذي له مثيل في الأسواق او البيئة التي ينتمي اليها المحكوم عليه حتى يسهل عليه الرجوع اليه بعد الأفراج . حيث لايجوز ان يتم توجيه المحكوم عليه الى مهنة او حرفة لم تعد لها وجود في الأسواق.( [43]
ب- من حيث وسيلة اداء العمل .
يجب ان تكون الأدوات والوسائل التي يؤدى بها العمل في المؤسسة العقابية هي نفس الوسائل التي يؤدى بها العمل في الخارج ، حيث لايجوز ان تمارس الأعمال الصناعية او الحرف بالأسلوب اليدوي في حين ان هذه الصناعة او الحرفة تدار في الخارج بواسطة الآلات والمكائن. ( [44])
ج- من حيث تحديد وقت العمل.
ان تحديد ساعات العمل التي تؤدى فيها العمل في المؤسسات العقابية والتمتع يأيام الراحة والعطلات الرسمية اسوةً بما هو متوفر في الخارج تدفع بالمحكوم عليه الى حب العمل والأعتياد عليه .
وان هذا التحديد لوقت العمل هو ضمن نطاق الضمانات الدولية والتي يجب ان تشملها اوضاع عمل نزلاء المؤسسات الأصلاحية الا ان تحديد وقت العمل تختلف من دولة الى اخرى كل حسب خصوصياتها ونوع العمل .( [45])
وقد اكدت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء في المادة (75 ) على ضرورة تحديد ساعات العمل ومنح اوقات الراحة للسجناء حيث نصت على:
أ- يحدد العدد الأقصى لساعات العمل اليومي والأسبوعي بقانون او بنظام اداري مع مراعاة الأنظمة والعادات المحلية المتبعة في مجال استخدام العمال الأحرار.
ب- يشترط في تحديد الساعات المذكورة ان يترك يوماً للراحة الأسبوعية ووقتاً كافياً للتعليم وغيره من الأنشطة المقتضاة كجزء من علاج السجناء واعادة تأهيلهم.
4- توفير متطلبات الأمن والسلامة.
على المؤسسات العقابية ان تراعي توفر شروط الأمن والسلامة اثناء عملية تشغيل المحكومين وان تتخذ كافة الأحتياطات اللازمة لتجنيبهم الأصابات التي من الممكن ان تلحق بهم من جراء العمل ويجب ان تكون هذه الشروط والأحتياطات مشابهه لما هو متوفر في العمل خارج المؤسسات العقابية.
وقد الزمت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المؤسسات العقابية بتوفير شروط الآمان اللازمة لتوفير السلامة للسجناء حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 74 على:
(تتخذ مؤسسات السجون نفس الأحتياطات المفروضة لحماية وسلامة العمال الأحرار).
5- ان يكون العمل مقابل اجر.
من الضرورى جداً ان يتقاضى السجين اجراً مقابل العمل الذي يؤديه داخل المؤسسة العقابية ويعتبر هذا الشرط من اهم الفوارق بين تشغيل المحكومين في الوقت الحاضر والتشغيل الأجباري الذي كان يفرض على المحكومين في المراحل التاريخية الأولية لضهور فكرة تشغيل السجناء وقد اكدت المادة (76 ) من القواعد النوذجية الدنيا لمعاملة السجناء على ضرورة وجود الأجر وانفاق جزء من الأجر في السجن وارسال جزء منه الى اسرهم وادخار جزء منه لحين الأفراج عنهم.( [46])
المبحث الثاني
اساليب تنظيم تشغيل المحكومين والتكيف القانوني لها وموقف المشرع العراقي والكوردستاني .
قمنا بتقسيم هذا المبحث الى ثلاثة مطالب نتناول في المطلب الأول اساليب تنظيم عملية تشغيل المحكومين ونتناول في المطلب الثاني التكييف القانوني لتشغيل المحكومين اما في المطلب الثالث سوف نستعرض موقف المشرع العراقي وموقف المشرع الكوردستاني.
المطلب الأول
اساليب تنظيم عملية تشغيل المحكومين
يجب ان يكون تنظيم عملية تشغيل المحكومين على اساس التوظيف الأمثل لطاقات السجناء بما يحقق الغرض الأساسي منها وهو الأصلاح والتأهيل وعليه فأن المكان الذي يمارس فيه العمل وكيفية تنظيمه لهما الأثر الأكبر في عملية الأصلاح.
من حيث المكان قد يكون تشغيل المحكوم داخل الزنزانة كما هو الحال في السجون ذات النظام الأنفرادي حيث يعهد الى السجين القيام بالأعمال اليدوية كالحياكة او النحت او الرسم .
اما في السجون ذات النظام المختلط قد يكون العمل داخل اسوار السجون في القاعات او المعامل او الورش المقامة للمهن والأعمال الصناعية او قد يكون التشغيل خارج اسوار السجن كما هو في الأعمال العامة كأنشاء الطرق والجسور والمباني العامة او العمل في الحقول الزراعية.( [47])
اما من حيث كيفية تنظيم تشغيل المحكومين فمن الناحية القانونية يتحدد الأسلوب المتبع في تشغيل السجناء بمدى تدخل الدولة في الأشراف على هذه العملية بواسطة ادارة المؤسسة العقابية قد ينعدم هذا الأشراف او قد يكون العمل كلياً تحت اشراف الأدارة او قد يكون الأشراف مختلطاً .([48] )
ولذلك هناك عدة انواع من الأنظمة التي تنظم عملية تشغيل المحكومين منها.
1- نظام المقاولة
في هذا النظام تتخلى ادارة المؤسسة العقابية عن الأشراف على تشغيل السجناء حيث تتفق مع رجل اعمال (مقاول) ليتولى الأدارة الكاملة على كيفية سير العمل واختيار نوعه ومن ثم يقوم بتوفير الآلات والمكائن والمواد الأولية ويعين المشرفين على العمل ودفع اجور السجناء واعاشتهم ومن ثم تسويق المنتجات لحسابه ويتحمل كافة المخاطر الأقتصادية والخسائر الناجمة عن العمل .([49] )
وينطوي هذا النظام على محاسن حيث انه يخفف من اعباء الدولة في الأنفاق على السجناء والأشراف على العمل .
وفي الولايات المتحدة الأمريكية يطلق على هذا النظام (نظام التأجير ) حيث كان السجناء العاملين يوضعون تحت تصرف الستأجرين (المقاولون) لمدة معينة من الزمن بعد الأتفاق على المبالغ التي تدفع للمؤسسة من طرف المستأجرين وهذا كان معمولاً به في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يرسل مجموعات من السجناء للعمل في معسكرات عمل او حقول القطاع الخاص ، وكانت الدولة نفسها تحصل على نسبة معينة من المال لقاء تشغيل كل سجين رغم انها لم تكن مسؤولة عن رعايتهم، ونظراً للأعتراضات الشديدة التي وجهت لهذا النظام حيث انه يقترب من نظام العبودية تم استبعاد هذا الأسلوب نهائياً من انظمة التشغيل في بداية عام 1920. ([50] )
وقد وجهت انتقادات كثيرة لنظام المقاولة منها انه ينطوي على تجاهل الغرض الأصلاحي من تشغيل السجناء لأن المقاول يهدف الى الربح وأستثمار امواله ولايهتم لنوع العمل وشروطه كما لايساعد على اتقان السجناء لمهنة تساعده على الأستفادة منه وخاصةً عندما يتم تقسيم العمل الى مراحل متعددة فيؤدي الى تعلم جزء من المهنة وليس المهنة بكاملها فلا يؤدي غرضه بالأصلاح وساد هذا النظام في اوربا عقب الثورة الصناعية الا انه اختفى في أوائل القرن العشرين .([51] )
2- نظام الأستغلال المباشر
في هذا النظام تتولى الدولة عن طريق ادارة المؤسسة العقابية وحدها الأشراف الكلي على سير العمل وتتحمل مخاطره الأقتصادية وتتحكم بنوع العمل وتوفر الآلات والمكائن والمواد الأولية وتتحمل اعباء اعاشة السجناء ودفع اجورهم ومن ثم تقوم بتسويق المنتجات وتحصيل قيمتها للدولة ويطلق على هذا النظام ايضاً (الأدارة المباشرة ) او نظام الريجي.([52] )
ومن الأعمال المتعارف عليها في هذا المجال والتي تلجأ اليها ادارة المؤسسات العقابية الأعمال الصناعية في ورش معدة لهذا الغرض كالحدادة والنجارة وتصليح السيارات او صنع الأثاث المكتبي او المنزلي او القيام بالخدمة العامة داخل السجن كالطهي والنظافة والغسيل وكي الملابس او تعليم مهن الحلاقة والكهرباء وتجليد الكتب وغيرها.([53] )
وقد تقوم الدولة بأحالة تنفيذ بعض المشاريع الى المؤسسات الأصلاحية لتنفيذها بواسطة تشغيل السجناء كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية مثل اشغال الطرق والجسوروالمتنزهات العامة او في الميدان الأنتاجي لسد حاجات ومتطلبات المرافق العامة مثل متطلبات المدارس من الكراسي والطاولات واسرة المستشفيات ولوحات ترقيم المركبات.([54])
ومن الأنتقادات الموجهة الى هذا النظام انه يكلف الدولة اعباء وتكاليف مالية وادارية كبيرة قد يقابلها قلة العائدات من العمل لنوعية المنتج وعدم امكانية منافسة المنتجات المثيلة والمنتجة في الأسواق ، الا انه هناك اجماع على ان هذا النظام هو الأكثر فعالية في تحقيق غرض العمل الرئيسي وهو الأصلاح والتأهيل.( [55])
وللرد على الأنتقادات الموجهة وكما تم ذكره في معرض الحديث عن الغرض الأقتصادي للعمل حيث ان المؤسسات العقابية ليست وحدات انتاجية حتى ينظر اليها من زاوية الربح والخسارة انما هي مرفق عام تقدم خدمة للمجتمع متمثلة بمحاربة الجريمة عن طريق اصلاح الجناة بوسائل الأصلاح وعليه من الطبيعي ان تتحمل الدولة التكاليف والأعباء المالية والأدارية في سبيل ذلك.([56] )
ان القواعد الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والمتمثلة بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ذهبت الى تفضيل نظام الأدارة الماشرة في تشغيل المحكومين حيث ورد فيها انه يُفضل ان تقوم ادارة السجن الأشراف على تشغيل المحكومين لا المقاولون الخاصون.([57] )
3- نظام التوريد
يعتبر هذا النظام نظاماً مختلطاً مابين نظام المقاولة حيث ينعدم الأشراف الحكومي وبين الأدارة المباشرة الذي يغيب عنه القطاع الخاص.
بموجب هذا النظام تتعاقد ادارة المؤسسة الأصلاحية مع احد رجال الأعمال حيث يقدم الآلات والمكائن والمواد الأولية ويتولى النزلاء العمل تحت اشراف المؤسسة الأصلاحية ويتولى صاحب العمل تسويق المنتجات لحسابه ويلتزم بدفع اجور السجناء العاملين وبهذا لايعتبر هذا العقد من عقود القانون الخاص وانما هو عقد اداري من عقود القانون العام.([58])
ان ما يميز هذا النظام هو ان الدولة تستطيع توجيه عملية التشغيل بغية تحقيق اهداف المؤسسة الأصلاحية وفي مقدمتها الأصلاح والتأهيل وذلك من خلال الأشراف المباشر على العمل وبدون ان تتحمل اعباء مالية كبيرة ولاتتحمل مخاطر العمل ، ويأخذ على هذا النظام قلة اقبال رجال الأعمال لأنه يحرمهم من الأشراف على رؤوس اموالهم وقد يقابله سوء المنتج. ( [59])
في الولايات المتحدة الأمريكية يطلق على هذا النظام ايضاً ( العمل لدى القطاع الخاص ) حيث يكون التشغيل تحت اشراف المؤسسات الأصلاحية بناءً على عقود او ترتيبات محددة بين المؤسسات الأصلاحية والقطاع الخاص حيث يتم فتح ورشات او مشاغل داخل المؤسسة ويكون العمل وفق الشروط المعمول بها في المؤسسة والمجتمع نظير اجر او مكافأة مالية مناسبة .
ولاقى هذا النظام الأهتمام من الكونكرس الأمريكي واصدر القرار المرقم 96/1979 ونتج عنه وضع شروط خاصة بهذا النظام وذلك لتفادي الأنتقادات الموجهة له من انه يؤدي الى منافسة العمالة العادية في الخارج من هذه الشروط منع نقل السجناء الى خارج السجن لغرض العمل ولايكون نوع العمل في المؤسسة الأصلاحية يعاني فائضاً من العمالة العادية في الخارج كذلك ضرورة التشاور مع النقابات العمالية .ويعتمد هذا النظام في الصين ايضاً وهناك محاولات جادة في المملكة العربية السعودية لأنشاء معامل ومصانع مغلقة داخل اسوار المؤسسات الأصلاحية من قبل رجال الأعمال في القطاع الخاص لتشغيل السجناء فيها .( [60])
وقد اكدت القواعد الدولية على ضرورة اشراف ادارة السجن على السجناء عند عملهم لدى القطاع الخاص.( [61])
واننا نرى بأن هذا النظام يعد من الأساليب الجيدة لتشغيل المحكومين حيث بالأضافة الى المميزات التي ذكرناها حول توجيه الدولة العمل لأغراض الأصلاح والأشراف عليها وقلة الأعباء المالية الملقاة على الدولة .يوفر بعض الأمتيازات للمقاول او صاحب العمل حيث يضمن المكان لأقامة مشروعه ولايدفع عنه الأيجار كما يضمن استقرار اجور العمال واستمرارية الأيدي العاملة من المحكومين وخصوصاً من ذوي الأحكام الطويلة ولو قامت الدولة على تشجيع القطاع الخاص وتقديم المساعدات والتسهيلات لجعل احتمالات الربح اكثر من الخسارة من خلال توفير الفرص لرجال الأعمال لضمان جودة المنتج بواسطة توفير فنيين للأشراف على الجانب الفني للعمل وتدريب السجناء لأتقان العمل او المساعدة في تسويق الأنتاج في المراحل الأولى من انشاء المشروع عندها لايتردد القطاع الخاص من استثمار امواله في هذا المجال.
4- نظام التعاقد
بموجب هذا النظام تقوم ادارات المؤسسات الأنتاجية بالتعاقد مع المؤسسات الأصلاحية على تشغيل السجناء المحكومين في تلك المؤسسات الأنتاجية ويتم نقل السجناء الى محل العمل ومن ثم اعادتهم الى المؤسسة الأصلاحية بعد انتهاء العمل يومياً وذلك مقابل اجر مماثل للعامل الحر.
ويطبق هذا النظام في الدول الأشتراكية ويعاب عليه صعوبة تأمين السيطرة على الجانب الأمني في عملية نقل السجناء وتأمين الحماية لهم ومنعهم من الهروب.( [62])
وفي العراق لقي هذا النظام اهتماماً واضحاً من المشرع العراقي حيث نص في قانون التعديل الأول لقانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي رقم 104 لسنة 1981 على ان تتولى دائرتا اصلاح الكبار واصلاح الأحداث في المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي مهمة التعاقد مع الجهات الحكومية التي تحتاج الى قوى عاملة في مشاريعها وفق الأسس والضوابط والتعليمات التي يصدرها مجلس ادارة المؤسسة)( [63])
كما تناولت تعليمات وزارة العمل والشؤون الأجتماعية موضوع التعاقد على تشغيل السجناء حيث جاء فيها : يكون تشغيل النزلاء والمودعين خارج اقسام الأصلاح الأجتماعي لدى مشاريع القطاع الأشتراكي بأقتراح من الدائرة المختصة وبموافقة المؤسسة بعقود تبرم بين الدائرة المختصة باعتبارها الطرف الأول والجهة المستفيدة بأعتبارها الطرف الثاني.([64] )
المطلب الثاني
التكييف القانوني لتشغيل المحكومين.
ان التطور الذي طرأ على مفهوم تشغيل السجناء طبقاً لتطور النظرة الى السياسات العقابية أدت الى صدور قواعد دولية تتناول شروط وكيفية تنظيم عمل السجناء وان اغلب دول العالم ادرجتها في تشريعاتها الداخلية وعليه يثار تساؤل هل ان العمل حق للسجين ام انه التزام يفرض عليه؟
اولاً: العمل حق
هناك اعتبارين يمكن الأستنادعليهما لأعتبارالعمل حقاً للمحكوم عليه ،الاول كون المحكوم عليه انسان والثاني كون العمل وسيلة اصلاح.( [65])
الأعتبار الأول .ان المحكوم عليه انسان فعلى المجتمع توفير العمل له وكونه سجيناً لايجرده من حقوقه مالم يحرم منها بقرار قضائي.
ان العمل جزء لايتجزء من حقوق الأنسان لأنه جزء من كرامة وكمال الأنسان وانسانيته والكرامة لاتنتزع من الفرد وان اقترف ذنباً او خطئاً.([66] )
ان الأعلان العالمي للائحة حقوق الأنسان الصادرة من الأمم المتحدة عام 1948 والتي يجب الألتزام بها كرست حق المواطن في العمل حيث نصت على :
)لكل شخص الحق في العمل وفي اختيار عمله وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة). ([67] )
ويقول الدكتور (مانويل لوبيرزي )الرئيس السابق لقسم الدفاع الأجتماعي في هيئة الامم المتحدة ان العمل داخل السجون اصبح حقاً مكتسباً للسجين وجزءاً من حقوق الأنسان.( [68]) وقد نص الدستور العراقي على ان (العمل حق لكل العراقيين ). ([69] )
الأعتبار الثاني . وفقاً للمفهوم الحديث في علم العقاب ان الأصلاح والتأهيل حق لمن انحرف سلوكه وعليه فمن واجب الدولة ان تجعل من السجن مؤسسة اصلاحية ومن حق السجين على الدولة ان تؤمن له التربية والتأهيل اللذين افتقدهما في الحياة العامة وربما كان افتقاده لهما السبب المباشر لأجرامه ولما كان العمل احدى الوسائل المهمة في الأصلاح والتأهيل فأن العمل يعتبر حقاً للمحكوم عليه ويمكن المطالبة به .([70] )
ثانياً: العمل التزام .
ان القول بأ ن المحكوم عليه او السجين مواطن يجب ان يتمتع بكافة حقوقه كأنسان ويجب ان يعامل وفق الأسس والمعايير التى يُعامل بها المواطن الحر في المجتمع دعوة مبالغ فيها لأن السجين ليس شخصاً عاديا ولايتمتع بكامل حريته وانما هو شخص خالف السلوك السوي وارتكب فعلاً اجرمه القانون وانه يقضي فترة عقوبته في المؤسسة الأصلاحية وقد يشكل خطراً على المجتمع فمن الواجب على الدولة العمل على تأهيله وفرض وسائل الأصلاح والتأهيل عليه خدمةً له وللمجتمع ولما كان التشغيل احدى هذه الوسائل فمن حق ادارة المؤسسة الأصلاحية الزام المحكوم عليه بالعمل الذي توفره للنزلاء.
ان تشغيل المحكومين هي علاقة تنظيمية بين النزلاء والأدارة وليس هناك مصدر تعاقدي لهذه العلاقة اذ لايوجد عقد عمل او اية علاقة تعاقدية بين النزلاء والأدارة وانما مصدر هذه العلاقة وطبيعتها يحددها القانون وهو في الغالب قانون السجون وبما ان القانون حدد بأن العمل هو احد اساليب المعاملة العقابية ضمن السياسة العقابية للدولة فيجب على المحكوم الألتزام بها.([71] )
ان الشغل في السجون اجباري في الأصل كما هو الحال في القانون المصري بالنسبة الى المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة والسجن والحبس مع الشغل ولا يستثنى منه الا المحكوم عليهم بالحبس البسيط ([72] ).
ان القانون رقم 12 لسنة 1912 منح حق اختيار الشغل بدلاً من تنفيذ عقوبة الحبس للمحكوم عليه بالحبس البسيط لمدة لاتتجاوز ثلاثة اشهر([73]).
وفي العراق يمكن القول بأن تشغيل المحكومين يعد التزاماً حيث عرف المشرع العراقي عقوبة السجن والحبس الشديد في المواد (87 و88) من قانون العقوبات النافذ وجاء فيهما يكلف المحكوم عليه بالسجن والحبس الشديد بأداء الأعمال المقررة في قانون المنشآت العقابية ولايكلف الحكوم عليه بالحبس البسيط بأداء الأعمال ([74] ) .
ان صفة الألزام لعمل المحكومين اكدت عليها القواعد الدولية لمعاملة السجناء حيث جاء فيها (يفرض العمل على جميع السجناء تبعاً للياقتهم البدنية كما يحددها الطبيب)([75]).
الا ان هذا الألتزام بالعمل ليس مطلقاً وانما هو مقيد بتحقيق اغراضه في التأهيل والأصلاح وحسب توجه السياسة العقابية فأذا تجاوزت هذا الغرض او لم تحققها انتفى الألتزام اضافةً الى ذلك فأن هذا الألزام مصحوب بالضوابط والشروط التى تناولناها في الشروط العامة للتشغيل .
استناداَ لما تقدم يتضح باَن تشغيل المحكومين من الناحية القانونية ذو طبيعة مزدوجة حيث انه حق للمحكوم و واجباً عليه في الوقت ذاته.
طالما كانت عملية التأهيل الأجتماعي تتضمن حلقات متكاملة والعمل احداها فأن خضوع المحكوم عليه لهذه الحلقات يعتبر واجباً، كما انه من حقه كأنسان ان يطلب الأهتمام به والحصول على التأهيل وان تتاح له فرصة التدريب والعمل في مهنة مفيدة ومنتجة لا مجرد سخرة ([76] ).
نرى بأن تشغيل المحكوم عليه حقاً اكثر مما هوالتزام لأن وجه الألتزام الوحيد هو اداء العمل الذي توفره المؤسسة الأصلاحية وان هذا الألتزام ليس مطلقاً وانما مقيد بمجموعة من الشروط والضوابط والتي سبق وان تم ذكرها فيما تقدم، في حين طالما كانت السجون مؤسسات أصلاحية فأنه من حق المحكوم ان يطالب بالتأهيل والأصلاح وبالتالى المطالبة بالعمل والدولة ملزمة بتوفيرها اضافةً الى ذلك انه يستند الى القانون الذي ينظم طريقة ادائها وشروطها وكذلك القواعد الدولية الملزمة التي تناولتها.
ان اعتبار التشغيل حقاً لمحكوم عليه يرتب له بعض المزايا منها:
1- الحق في اختيار نوع العمل الذي ينسجم مع مؤهلاته العقلية والجسمانية.
2- الحصول على مقابل العمل وان يكون هذا الأجر مساوياً او مقارباً لما يحصل عليه العامل الحر في نفس العمل .
وهنا يبرز تساؤل هل يحق له حرية التصرف بالأجركيفما يشاء بأعتباره حقاً له ؟
بما ان العملية برمتها تهدف الى التأهيل والأصلاح فانه يجب استخدام مقابل العمل لنفس الغرض ايضاً لهذا و بموجب القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء يجب تقسيم الأجر الى عدة اجزاء وكمايلي :
أ- تسليم جزء منه الى المحكوم عليه لتغطية الأنفاق الشخصي داخل السجن في الأشياء المرخص بها .
ب- ارسال جزء منه الى اسرهم .
ت- على ادارة المؤسسة اقتطاع جزء منه وتقوم بأدخاره وتسليمه للمحكوم يوم الأفراج عنه .
ث- اقتطاع جزء للغرامات والمصاريف القضائية وتعويض المجنى عليهم حتى لايكون مثقلاً بالألتزامات المالية بعد الأفراج عنه.([77] )
في العراق حددت وزارة العمل والشؤون الأجتماعية بتعليمات خاصة كيفية التصرف بالأجر كالآتي:
يستقطع 10%من اجر النزيل العامل كأيراد للأدارة ويسلم 30% الى النزيل لتغطية نفقاته اليومية وتقوم الأدارة بتوفير60% في دفتر توفير لايسمح له التصرف وتدفع له حال انتهاء محكوميته واطلاق سراحه واذا كان النزيل معيلاً لعائلة فبأستطاعته ارسال جزء من اجره لهم بموافقة الأدارة وبعد ان تتأكد من حاجة الأسرة للمبلغ ([78] ).
وفي عام 1988 قامت الوزارة بتعديل النسب اعلاه حيث جعل الأستقطاع بنسبة 20% والتوفير بنسبة 50% وذلك بموجب تعليمات رقم (9)لسنة1988 .
3- الأنتفاع بالضمانات الأجتماعية التي تلتزم الأدارة بتوفيرها من الشروط الصحية وتحديد ساعات العمل وايام العطلات والراحة والتعويض عن اصابات العمل.
المطلب الثالث
موقف المشرع العراقي والكوردستاني من تشغيل المحكومين .
اولاً : موقف المشرع العراقي
عندما نتحدث عن موقف المشرع العراقي في موضوع ما لابد من البدأ من الهرم القانوني وهو الدستور .
ان دستور جمهورية العراق الحالي لم يتطرق الى تشغيل المحكومين الا انه تطرق الى العمل بصورة عامة ضمن فصل الحقوق والحريات الأساسية ونص في المادة 19 /اولاً (العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة ) .
اما فيما يخص الدستورالعراقي المؤقت لسنة 1970 الملغي فكان ينص على ان العمل حق تتكفل الدولة بتوفيره لكل مواطن كما اعتبره واجباً على كل مواطن قادر عليه خدمةً للوطن.([79] )
نلاحظ تراجعاَ طفيفاً من الدستور الحالي عما كان عليه الحال في ظل الدستور السابق حيث اضافةً الى اعتبار العمل حقاً ، كان يلزم الدولة على توفيره لكل مواطن قادر عليه .
ولكون المحكوم عيله بالأساس مواطناً فأنه يستفيد من هذه النصوص الدستورية وتنعكس في القوانين الخاصة.
اما فيما يخص تشغيل المحكومين فأن المشرع العراقي ابدى اهتماماً واضحاً بهذا المجال بدءاً بقانون مصلحة السجون رقم 151لسنة 1969 وقانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي رقم 104لسنة 1981 والتعديلات التي طرأت عليها وعليه سوف نوجز ماجاء فيهما بهذا الصدد.
تناول قانون مصلحة السجون تشغيل المحكومين في الفصل الخامس تحت عنوان التأهيل السلوكي والثقافي والمهني ونلخص اهم ماجاء فيها.
1- يعتبر العمل جزءاً من تنفيذ العقوبة وليس جزءاً من العقوبة ذاتها .
2- يمنع استخدام العمل كعقوبة تأديبية.
3- تكون ظروف العمل في السجن مقاربة لظروف العمل خارجها من حيث نوع العمل وطريقة الأداء والآلات المستعملة فيها.
4- توفير وسائل الأمن والسلامة على نحو مقارب لما هو عليه الحال في معامل خارج السجن.
5- تقاضي السجين اجراً عن العمل ومنحه مكافئة في حالة اصابته بحوادث العمل.
6- يرعى احتياجات السوق عند وضع استراتيجية العمل وعدم التقييد بسياسة الأكتفاء الذاتي.
هذه المباديء بالرغم من انها لم تنص على كون التشغيل حق للمحكوم عليه الا انها كانت متطورة وتهدف الى الأصلاح والتأهيل والأبتعاد عن هدف الربح المادي وعدم استخدام العمل كعقوبة( [80]) .
الغي قانون مصلحة السجون بقانون المؤسسة العامة للاصلاح الأجتماعي رقم 104 لسنة 1981.
كان هذا القانون يسمى بقانون المؤسسة العامة للاصلاح الأجتماعي الا ان هذه التسمية تغيرت بموجب القانون رقم 22 لسنة 2002 قانون التعديل الثاني لقانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي وحل محلها تسمية (قانون اصلاح النزلاء والمودعين رقم 104 لسنة 1981).
تناول هذا القانون موضوع تشغيل المحكومين في الفصل الثاني تحت تسمية (حقوق النزلاء والمودعين) وافرد فرعاً منه للتشغيل ،والذي يعد طفرة نوعية تحسب للمشرع العراقي( [81]). وفيما يلي ابرزما جاء فيها.
1- لكل نزيل ومودع الحق في العمل وفي حدود قدرته ومؤهلاته.
2- يعتبر العمل جزءاً من مقومات العملية الأصلاحية والتأهيلية وليس عقوبة بذاتها .
3- يكون تنظيم العمل في اقسام الأصلاح الأجتماعي على نحو مقارب من المستوى المطبق خارجها من حيث نوع العمل وطريقة الأداء والآلات المستعملة فيها.
4- يجوز اشتغال السجناء خارج المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي من خلال التعاقد مع الجهات الحكومية التي تحتاج الى ايدي عاملة في مشاريعها وفق الشروط التي تحددها المؤسسة وليس الجهة صاحبة العمل.
5- تمتع النزيل العامل بكافة حقوق العامل العادي المنصوص عليها في القوانين المرعية من اوقات العمل والراحة والعطل والأجازات والتعويض عن اصابات العمل.
6- توفير وسائل الأمن والسلامة والصحة المهنية في اقسام الأصلاح على نحو مماثل لما هو موجود في الخارج.
كما قامت وزارة العمل والشؤؤن الأجتماعية بأصدار تعليمات رقم (3) لسنة 1982 حول تحديد قواعد العمل و الأجور للنزلاء داخل اقسام الأصلاح الأجتماعي وخارجها وحسب درجة مهارة العامل وهذه الأجور كانت مجزية ومقاربة لما كان يتقاضاه العامل الحر( [82]).
واستناداً لما تقدم فأن التشريع العراقي حول تشغيل المحكومين يعد من التشريعات المتطورة في هذا المجال ونلاحظ بأنه قد ادرج الشروط العامة الواجب مراعاتها عند تشغيل المحكومين والتي سبق وان وردت في المطلب الثاني من المبحث الأول من هذا البحث والمستمدة بالأساس من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والصادرة من منظمة الأمم المتحدة بل وزاد عليه ايضاً عندما نص صراحة على كون العمل حق لكل نزيل ومودع واطلق تسمية النزيل او المودع بدلاً من السجين وقام بتغير تسمية السجن الى مؤسسة الأصلاح الأجتماعي وتغير تسمية القانون من (قانون مصلحة السجون) الى قانون مؤسسة الأصلاح الأجتماعي ومن ثم الى قانون اصلاح النزلاء والمودعين واضعاً الأصلاح نصب عينيه كما تطرق الى التشغيل الخارجي من خلال التعاقد مع الجهات الحكومية لتشغيل النزلاء في مشاريعها.
نرى بأن سبب التوجه الى التشغيل الخارجي هو عدم قدرة ابنية المؤسسات الأصلاحية استيعاب المعامل والمصانع وخصوصاً في المحافظات ،كما نعتقد بأن عملية التشغيل لم يلقى التطبيق الفعلي على ارض الواقع سوى التدريب على تعلم بعض المهن اليدوية مثل (الحدادة والنجارة والحلاقة وتصليح السيارات و الأجهزة الكهربائية ) في الورش المعدة لهذا الغرض وخصوصاً في مؤسسة الأصلاح الأجتماعي في ابوغريب.
ثانياً : موقف المشرع الكوردستاني
ان المشرع الكوردستاني المتمثل ببرلمان كوردستان منذ يوم تأسيسه لم يشرع اي قانون يخص دوائر الأصلاح الأجتماعي او النزلاء والمودعين ونظراً لكون تشغيل المحكومين عادةً يأتي ضمن قانون دوائر الأصلاح الأجتماعي نستطيع القول بأن المشرع الكوردستاني لم يتطرق الى التشغيل الا ان مجلس الوزراء في اقليم كوردستان قام بأصدار (نظام دائرة الأصلاح الأجتماعي في اقليم كوردستان رقم 1 لسنة 2008 ) ([83]).
ان هذا النظام لم يأتي بشيء جديد حول تشغيل المحكومين حيث جاء في المادة الخامسة عشرة ( على اللجنة الفنية تنظيم العمل في الأصلاحية ).
كما جاء ايضاً ان العمل يستهدف تأهيل النزيل والمودع وتدريبه مهنياً يساعده على الأندماج التدريجي في المجتمع .
يلاحظ بأن النظام قد اوكل تنظيم العمل الى لجنة فنية وهذة اللجنة ورد اسمها ثلاث عشرة مرة وحدد مهاماً لها في احدى عشرة مادة في حين ان تشكيل هذة اللجنة يخضع الى صلاحيات المدير العام الجوازية ولم يحدد هيكلية اللجنة سوى ان يكون من ذوى الخبرة.([84])
ان اللجنة الفنية قد شكلت من مسؤول الشعبة القانونية ومسؤول القوة الأجرائية والباحث الأجتماعي في دائرة اصلاح الكبار وكذلك في دائرة اصلاح النساء والأحداث .
اما من حيث تنظيم العمل على ارض الواقع يوجد قاعة في دائرة اصلاح الكبار يتوفر فيها عدد من مكائن الخياطة لتدريب النزلاء الا ان هذه الورشة لايجري فيها العمل في الوقت الحاضر .
وفي دائرة اصلاح النساء والأحداث تم تخصيص قاعة ويوجد فيها بعض الأدوات البسيطة لمهنة النجارة واللحامة الا اننا لم نشاهد اي نشاط في هذه القاعة لذلك نستطيع القول ليس هناك شيء يمكن ان نسميه تشغيل النزلاء في اقليم كردستان .
ويمكن ان نعزو السبب الى عاملين رئيسيين.
1- النقص في ابنية دوائر الأصلاح الأجتماعي ونوعيتها ليست مشجعة على تطبيق فكرة تشغيل المحكومين حيث تفتقر الأبنية الى اماكن يمكن نصب مصانع و ورش تكفي لتشغيل المحكومين وتنوع الأعمال فيها بل لاتسع للنزلاء والمودعين في بعض الأحيان .
2- عدم وجود خطة استراتيجية لدى الجهات الأدارية المشرفة على المؤسسات الأصلاحية والمتمثلة بوزارة العمل و الشؤون الأجتماعية وخير دليل على ذلك لم تكن هناك محاولات جادة لتشغيل المحكومين فيما مضى ولم تتخذ اية اجراءات لنصب ورش صناعية لتدريب وتشغيل النزلاء والمودعين عند بناء البناية الجديدة لدائرة الأصلاح الأجتماعي في محافظة دهوك .
ونظراً لعدم صدور قانون لدوائر اللأصلاح الأجتماعي في الأقليم فأن قانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي رقم 104لسنة 1981وتعديلاته لغاية عام 1991 تسري في الأقليم لأن صدور النظام لايوقف العمل بقانون ومن الضروري الأستعانة بنصوصه في حال تفعيل عملية تشغيل النزلاء والمودعين في الأقليم .
الخاتمة
لقد تناولنا عملية تشغيل المحكومين وايجاد فرص عمل لهم اثناء مدة محكوميتهم وتدريبهم على سلوك الكسب الشريف لأنه يعتبر من الوسائل المهمة في عملية تأهيل واصلاح الجناة والتي تعد احدى طرق مكافحة اسباب الجنوح ، وقد قسمنا البحث الى مبحثين تناولنا في المبحث الأول مفهوم التشغيل والتطورالتاريخي لها وشروط واهداف التشغيل وفي المبحث الثاني تناولنا طرق تنظيم التشغيل والتكييف القانوني لها وموقف المشرعين العراقي والكردستاني منها .
وقد توصلنا الى الأستنتاجات التالية.
1- ان الجريمة ظاهرة مرتبطة بوجود المجتمع ومن واجب الدولة التي تمثل المجتمع ان تتصدى لهذه الظاهرة ومكافحتها وقد تغير اسلوب مكافحة الجريمة بتغير النظرة الى مفهوم العقوبة من الردع والأنتقام الى الأصلاح والتأهيل .
2- اولت المنظمات الأنسانية والحقوقية الأهتمام بموضوع اصلاح وتأهيل المجرمين مما أدى الى ظهور رأي عام عالمي فأصدرت منظمة الأمم المتحدة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
3- ان تشغيل المحكومين وسيلة مهمة من وسائل اصلاح وتأهيل الجناة الى جانب التدريب والعلاج والنفسي والتعليم والرياضة والترفيه وتصنيف المجرمين .
4- لايجوز استغلال تشغيل السجناء لتحقيق الربح المادي او الأكتفاء الذاتي للمؤسسات الأصلاحية بل يجب ان يستهدف الأصلاح والتأهيل لأن هذه المؤسسات ليست وحدات انتاجية وانما هي مؤسسات خدمية تقدم خدمة للمجتمع ومن واجب الدولة الأنفاق عليها.
5- يجب ان يكون التشغيل مقابل اجر وعلى الأدارة ان تتدخل في تنظيمه حيث يخصص جزء منه لتغطية مصاريفه اليومية واعالة عائلته وادخارالجزء الباقي لحين الأفراج عنه بما يحقق هدف الأصلاح .
6- من الناحية القانونية يعد التشغيل حقاً للسجين و واجباً عليه في الوقت ذاته فهو حق من ناحية كون السجين انسان ومن حقه على الدولة اصلاحه وتأهيله وواجب عليه ان يلتزم بالعمل بأعتبارها وسيلة من وسائل الأصلاح.
7- ان التشريع العراقي يُعد من التشريعات المتطورة في هذا المجال وينص صراحةً على كون العمل حق للنزلاء والمودعين اضافةً الى حقوق اخرى .
8- لم يصدر في اقليم كوردستان تشريع خاص بالمؤسسات الأصلاحية وانما اصدرمجلس الوزراء النظام رقم (1 لسنة 2008 ) والذي لم يأت بشيء جديد ولم يرتقي الى ماهو موجود في التشريع العراقي ، ان صدور هذا النظام لايمنع من سريان قانون مؤسسة الأصلاح الأجتماعي رقم (104 لسنة 1981 ) وتطبيق احكامه في الأقليم.
9- عملياً لم تكن هناك سوى محاولات بدائية وضيقة للتدريب والتشغيل في دوائر الأصلاح في الأقليم .
المقترحات
ندعو وزارة العمل والشؤون الأجتماعية بأعتبارها الجهة الأدارية المسؤولة عن دوائر الأصلاح الأجتماعي ان تولي موضوع تشغيل النزلاء والمودعين الأهتمام الكافي بما ينسجم مع اهمية التشغيل في اصلاح وتأهيل الجناة وعليه نقترح مايلي:
1- ان تقوم الوزارة بوضع خطة استراتيجية تستهدف وضع الأساس السليم والدائم لتشغيل السجناء بعد التشاور مع المنظمات الدولية والمحلية ورجال الأعمال والأستفادة من تجارب الدول التي لها باع في هذا المجال.
2- التنسيق مع الوزارات والمؤسسات التي تقوم بتنفيذ المشاريع العامة لتشغيل السجناء في تلك المشاريع .
3- ان تراعى فكرة التشغيل عند بناء ابنية دوائر الأصلاح الأجتماعي وتخصيص اماكن نصب الورش او المعامل .
4- فتح دورات تثقيفية للعاملين والمشرفين على دوائر الأصلاح حول ضرورة واهمية وسائل اصلاح الجناة.
5- التنسيق مع المنظمات الخيرية لتدريب النزلاء والمودعين على بعض المهن والحرف وتشغيلهم في المشاريع الخيرية مقابل اجور تدفع لهم.
6- ان يتم استغلال طاقات النزلاء والمودعين سواء بواسطة القطاع الخاص او الحكومي في الجانب الزراعي والحيواني عن طريق تخصيص مساحات شاسعة لزراعة البساتين المثمرة وحقول تربية الحيوانات ومصانع الألبان.
ومن الله التوفيق.
قائمة المصادر
1- المنجد في اللغة والأعلام الطبعة المئوية الأولى دار الشرق بيروت 2008
2- زين الدين محمد بن ابي بكر بن عبدالقادر الرازي مختار الصحاح الطبعة الثانية مؤسسة الرسام العالمية سنة (2010)
3- الدكتور احسن مبارك طالب (العمل الطوعي لنزلاء المؤسسات العقابية ) من منشورات اكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية الطبعة الأولى الرياض سنة 2000
4- جندي عبدالملك (الموسوعة الجنائية) الجزء الرابع سنة 2008
5- جندي عبدالملك (الموسوعة الجنائية )الجزء الخامس سنة 2008
6- الدكتور عدنان الدوري (صول علم الاجرام وعلم العقاب ومعاملة المذنبين) الطبعة الاولى 1989
7- كوثر احمد خالند وهمداد مجيد علي (علم لاجرام).مطبعة التفسير سنة 2006
8- الدكتور محمود نجيب حسني (دروس في علم الاجرام وعلم العقاب ) دار النهضة العربية سنة1982.
9- الدكتور محمد صبحي نجم(علم الاجرام والعقاب) دار الثقافة 2002 .
10- الدكتور مصطفى العوجي (التاهيل الاجتماعي في المؤسسات العقابية ) بيروت 1993
11- القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي اقرت في المجلي الاقتصادي والاجتماعي التابع للامم المتحدة عام977.
12- الدكتورة صفاء اوتاني (العمل للمنفعة العامة في السياسة العقابية المعاصرة) دراسة مقارنه مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية /المجلد 22 العدد الثاني لسنة 2009
القوانين والأنظمة
1- الدستورالعراقي المؤقت لسنة 1970 الملغي.
2- الدستور العراقي لسنة 2005.
3- قانون العقوبات البغدادى .
4- قانون مصلحة السجون رقم 151لسنة 1969 الملغي.
5- قانون المؤسسة العامة للاصلاح الاجتماعي رقم 104لسنة 1981 وتعديلاته.
6 – قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969.
7- نظام رقم(1) لسنة 2008 المنشورفي جريدة وقائع كردستان العدد (84).
8 - تعليمات وزارة العمل والشؤون الأجتماعية رقم (3) لسنة 1982.
الفهرست
المقدمة .............................................................. 1-2
مفهوم التشغيل .......................................................4-5
التطور التاريخي لتشغيل المحكومين ...................................6-8
اهداف تشغيل المحكومين................................................ 9
1- الهدف العقابي .................................................9
2- الهدف الأقتصادي .............................................10
3 -الهدف الأصلاحي..............................................11
4- الهدف الأداري .................................................14
شروط تشغيل المحكومين................................................15
1- ان يكون العمل منتجاً .........................................15
2- ان يكون العمل متنوعاً.........................................16
3- ان يكون العمل على نسق العمل الحر.........................17
4- توفير متطلبات الأمن والسلامة................................18
5- ان يكون مقابل أجر...........................................19
طرق تنظيم تشغيل المحكومين ........................................20
1- نظام المقاولة ................................................21
2- نظام الأستغلال المباشر .....................................22
3- نظام التوريد ................................................ 23
4- نظام التعاقد ............................................... 25
التكييف القانوني لتشغيل المحكومين .............................26-29
موقف المشرع العراقي............................................30-32
موقف المشرع الكردستاني........................................33-34
الخاتمة
([1]) د. محمد صبحي نجم اصول علم الاجرام والعقاب دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان سنة 2002 ص 75
([3]) د. مصطفى العوجي التاهيل الاجتماعي في المؤسسات العقابية مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع /بيروت الطبعة الاولى 1993 ص14
( [4]) المادة الاولى من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979
) 1 ) المنجد في اللغة والأعلام الطبعة المئوية الأولى دار الشرق/ بيروت سنة 2008
([6] ) زين الدين محمد بن ابي بكر بن عبدالقادر الرازي مختار الصحاح الطبعة الثانية مؤسسة الرسام العالمية سنة 2010
( [7]) عبدالله بن راشد السنيدي مقال منشور في منتديات المكتوب(22/12/2011) www.abooba. maktoobblog.com
([8] ) الدكتور احسن مبارك طالب العمل الطوعي لنزلاء المؤسسات العقابية الطبعة الأولى /الرياض سنة ( 2000) اكاديمية نايف العربية للعلوم الامنية ص24
([9] ) مفهوم العمل في الاسلام مقال (بدون اسم الكاتب ) منشور في منتديات المجرة (22/12/2011) www.almajara.com
([10] ) الدكتور احسن مبارك طالب المصدر السابق ص25
( [11])الدكتورة صفاء اوتاني العمل للمنفعة العامة في السياسة العقابية المعاصرة /دراسة مقارنه
مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية /المجلد 22 العدد الثاني لسنة 2009
([12] )سورة الأسراء الآية 70
( [13]) الدتور عدنان الدوري اصول علم الاجرام - الكتاب الثالث علم العقاب ومعاملة المذنبين الطبعة الأولى سنة 1989 ص 353
( [14]) الدكتور احسن مبارك طالب المصدر السابق ص 67
([15]) طائفة الكويكرز هي طائفة اصلاحية ظهرت في بدايات القرن الماضى في الولايات المتحدة الامريكية تعني بأصلاح المؤسسات العقابية وكيفية تأهيل السجناء المصدر نفسه ص62
( [16]) الدكتور جندي عبدالملك الموسوعة الجنائية عام 2008 الجزء الرابع ص133 ( بدون مكان الطبع)
( [17]) المصدرنفسه انظر ص134 و135
( [18]) نقلا عن الدكتور مصطفى العوجي المصدر السابق ص17
([20] ) انظر القواعد النموذجية لمعاملة السجناء (حقوق الأنسان والسجون ) دليل تدريب موظفي السجون على حقوق الأنسان سلسلة التدريب المهنى العدد (11) لسنة 2004
( [21]) انضر المواد 10 و 13 من قانون العقوبات البغدادي
([22] ) الدكتور عدنان الدورى المصدر السابق ص 357
( [24]) انظر المواد (10 و11) من قانون العقوبات البغدادي
([25] ) كوثر احمد خالند وهمداد مجيد على علم العقاب مطبعة التفسير لسنة 2006 (بدون مكان الطبع والطبعة)
([26] ) الدكتور محمود نجيب حسني دروس في علم الأجرام وعلم العقاب مطبعة جامعة ا لقاهرة دار النهضة العربية عام 1982
([27] ) الدكتور محمد صبحي نجم المصدر السابق ص121
([28] ) نقلاً عن الدكتور مصطفى العوجي المصدر السابق ص 383
( [29]) انظر المصدر نفسه ص 384
([30] ) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص 122
([31] ) د. مصطفى العوجي المصدر السابق ص 381
( [32]) د.محمود نجيب حسني المصدر السابق ص 303
([33] ) نقلاً عن د. مصطفى العوجي المصدر السابق ص 382
( [34]) الدكتور محمود نجيب حسني المصدر السابق ص 302
( [35]) الدكتور احسن مبارك المصدر السابق ص98
([36] ) المصدر نفسه ص 100
( [37]) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص 123
( [38]) د. محمود نجيب حسني المصدر السابق ص305
( [39]) الفقرتين (3و5 )من المادة (71) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
([40] ) د. احسن مبارك المصدر السابق ص107
( [41]) الفقرات (2و4و6)من المادة (71) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
([42] ) د. محمود نجيب حسني المصدر السابق ص307
( [43]) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص124
( [44]) د. محمود نجيب حسني المصدر السابق ص306
( [45]) د.احسن مبارك امصدر السابق ص 110
( [46]) الفقرات (1و2و3) من المادة ( 76 ) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
.( [47]) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص127
([48] ) ) كوثر احمد خالند وهمداد مجيد على المصدر السابق ص90
([49] ) د. محمود نجيب حسني المصدر السابق ص310
([49] ) د.احسن مبارك طالب امصدر السابق ص 132
([50] ) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص128
([52] ) د. محمود نجيب حسني المصدر السابق ص310
([53] ) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص129
([54] ) د.احسن مبارك امصدر السابق ص137
( [55]) كوثر احمد خالند وهمداد مجيد على المصدر السابق ص91
([56] ) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص122
([57] )الفقرة الأولى من المادة (73) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
([58]) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص130
( [59]) كوثر احمد خالند وهمداد مجيد على المصدر السابق ص91
( [60]) د.احسن مبارك امصدر السابق ص121و122
( [61]) الفقرة الثانية من المادة (73) القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
( [62]) كوثر احمد خالند وهمداد مجيد على المصدر السابق ص92
( [63]) المادة (20) من قانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي رقم 104 لسنة 1981
([64] ) لمزيد من المعلومات انظر تعليمات وزارة العمل والشؤون الأجتماعية رقم 3 لسنة 1982 حول تنظيم وتحديد قواعد العمل والأجور للنزلاء داخل اقسام الأصلاح الأجتماعي وخارجها.
( [65]) د. محمود نجيب حسني المصدر السابق ص305
([66] ) د.احسن مبارك طالب المصدر السابق ص97
([67] )الفقرة الأولى من المادة (23) من لائحة حقوق الأنسان
( [68]) د. عدنان الدوري المصدر السابق ص 356
([69] ) الفقرة الأولى من المادة (22) من الدستور العراق لسنة 2005
([70] ) د. مصطفى العوجي المصدر السابق ص 147
([71] ) د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص131
([72] ) جندي عبد الملك المصدر السابق ص 134
([73] ) جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية عام 2008 الجزء الخامس ص69
([74] ) انظر المواد (87 ،88 و 89 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969
([75] ) الفقرة الثانية من المادة (71) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء
([76] ) د. مصطفى العوجي المصدر السابق ص 386
([77] ) المادة 76 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء – د. محمد صبحي نجم المصدر السابق ص 134
([78] ) تعليمات وزارة العمل والشؤون الأجتماعية رقم (3) لسنة 1982
([79] ) المادة 23 من الدستور العراقي المؤقت لسنة 1970
[80] انظر المواد من (46- 53 ) من قانون مصلحة السجون رقم 151 لسنة 1969الملغي
( [81]) انظر المواد (18-22 ) من قانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي رقم 104 لسنة 1981 و قانون رقم (8) لسنة 1986 قانون التعديل الأول لقانون المؤسسة العامة للأصلاح الأجتماعي
( [82])لمزيد من المعلومات انظر تعليمات رقم (3) لسنة 1982
([83])نظام رقم 1لسنة 2008 تم نشره في جريدة وقئع كردستان في العدد (84)
( [84]) المادة (11) للمدير العام تشكيل لجنة فنية لكل مديرية اصلاحية تتكون من ذوي الأختصاص في ادارة شؤون اقسام الأصلاحية .